والسؤال المطروح أيّها المؤمنون: هل نحن متحفِّزون ومشتاقون لهذا الشهر الكريم لإعماره بالطاعات والعبادات دون كلَل أو ملَل؟ نعم هل بحثنا عمّا يحفّزنا للعبادة في رمضان؟
هذه بعض المحفّزات الّتي تحمّسنا للطاعة أكثر ممّا تحمسنا للموائد والأسواق: 1ـ الإخلاص لله في الصيام: الإخلاص لله تعالى هو روح الطاعات، ومفتاح لقبول الباقيات الصالحات، وسبب لمعونة وتوفيق ربّ الكائنات، وعلى قدر النية والإخلاص والصدق مع الله وفي إرادة الخير تكون معونة الله لعبده المؤمن،
2ـ معرفة أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يبشّر أصحابه بمقدم هذا الشهر الكريم: كان رسول صلّى الله عليه وسلّم يُبشّر أصحابه فيقول: ''جاءكم شهر رمضان شهر مبارك كتب الله عليكم صيامه...'' الحديث، وهذا يدل على عظم استغلال رمضان في الطاعة والعبادة.
3ـ استشعار الثواب العظيم الّذي أعده الله للصّائمين: ومنها: أـ أنّ أجر الصائم عظيم لا يعلَمُه إلاّ الله عزّ وجلّ. ب ـ مَن صام يومًا في سبيل الله يبعد الله عنه النّار سبعين خريفًا، فكيف بمَن صـام الشهر كاملاً. ج ـ الصيام يشفع للعبد يوم القيامة حتّى يدخل الجنّة. د ـ في الجنّة باب يقال له الريان لا يدخله إلاّ الصائمون. هـ ـ صيام رمضان يغفر جميع ما تقدّم من الذنوب. وـ في رمضان تفتح أبواب الجنّة وتغلق أبواب النيران. ز ـ يُستجاب دعاء الصائم في رمضان.
4ـ معرفة أنّ من هدي الرّسول صلّى الله عليه وسلّم في شهر رمضان الإكثار من أنواع العبادات، من: صلاة وذِكر ودعاء وصدقة، ''وكان يخص رمضان من العبادة بما لا يخص غيره من الشهور''.
5ـ إدراك المسلم البركة في هذا الشهر الكريم، ومن ملامحها: أـ البركة في المشاعر الإيمانية: ترى المؤمن في هذا الشهر قوي الإيمان، حي القلب، دائم التفكر، سريع التذكر، إنّ هذا أمر محسوس لا نزاع فيه أنه بعض عطاء الله للصائم. ب ـ البركة في القوة الجسدية: رغم تركك الطعام والشراب، كأنّما ازدادت قوتك وعظم تحمّلك على احتمال الشدائد. ج ـ البركة في الأوقات: تأمّل ما يحصل من بركة الوقت بحيث تعمل في اليوم والليلة من الأعمال ما يضيق عنه الأسبوع كلّه في غير رمضان.
6ـ استغلال هذا الشهر الفضيل في الطاعة، مع استحضار خصائـصـه، وهـي: أـ خلوف فم الصائم أطيَبُ عند الله من ريح المسك. ب ـ تستغفر الملائكة للصّائمين حتّى يفطروا. ج ـ يزيّن الله في كلّ يوم جنّته ويقول: ''يُوشَك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤونة والأذى ثمّ يصيروا إليك''. د ـ تفتح أبواب الجنّة وتغلق أبواب النّار. هـ ـ فيه ليلة القدر هي خير من ألف شهر مَن حَرُم خيرها فقد حرم الخير كلّه. وـ يغفر للصّائمين في آخر ليلة من رمضان. زـ لله عتقاء من النّار في آخر ليلة من رمضان.
7ـ استشعار أنّ الله تعالى اختص الصوم لنفسه من بين سائر الأعمال: قال صلّى الله عليه وسلّم: قال الله عزّ وجلّ: ''كلّ عمل ابن آدم له إلاّ الصوم فإنّه لي وأنَا أُجزِي به...''.
8ـ معرفة مدى اجتهاد الصحابة الكرام والسّلف الصالح في الطاعة في هذا الشهر الكريم: كانوا يجتهدون في العبادة، ويحيون لياليه بالقيام وتلاوة القرآن، ويتعاهدون فيه الفقراء والمساكين بالصدقة والإحسان وإطعام الطعام وتفطير الصوام، ويجاهدون فيه أنفسهم بطاعة الله، ويجاهدون أعداء الله في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا ويكون الدِّين كلّه لله. 9ـ معرفة أنّ الصيام يشفع لصاحبه يوم القيامة: قال صلّى الله عليه وسلّم: ''الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة: يقول الصيام أي ربّ منعته الطعام والشّهوات بالنّهار فشَفِّعْنِي فيه، ويقول القرآن ربّ منعتُه النوم بالليل فشفّعني فيه، فيشفعان''.
10ـ معرفة أنّ رمضان شهر القرآن وأنّه شهر الصبر: وأنّ صيامه وقيامه سبب لمغفرة الذنوب، وأنّ الصيام علاج لكثير من المشكلات الاجتماعية والنفسية والجنسية والصحية.
فمعرفة كلّ هذه الخصال الدنيوية والأخروية للصّائم ممّا يحفز على استغلاله والمحافظة عليه.
هذه بعض الحوافز الّتي تعين المؤمن على استغلال مواسم الطاعات، وشهر الرّحمات والبركات، فإيّاك والتّفريط في المواسم فتندم حيث لا ينفع الندم، قال تعالى: {وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً}.
نسأل الله أن يتقبّل منّا الصيام والقيام وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.